Archive for جانفي 2013

أصوات   Leave a comment

بعد أكثر من أربعة عقود من العمل الدؤوب وبدون مقابل مادي لنشر الثقافة السينمائية في إطار الجمعيات الثقافية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وحاليا على الأنترنيت – في وقت راكم فيه الكثيرون ثروات غير مستحقة ومأخوذة من جيوب المواطنين باسم السينما- تتم مكافأتي بالتهميش والإقصاء من التظاهرات الفنية التي تقام ببلادنا، آخرها مهرجانات طنجة. لا شك أن الساهرين على تنظيم المهرجان الوطني للسينما يعلمون جيدا نوعية المساهمة التي أقدمها في هذه التظاهرة منذ انطلاقها سنة 1982 والصدى الذي تخلفه مداخلاتي الشفوية والمكتوبة حول الأشرطة المعروضة والمصداقية التي اكتسبتها في الأوساط الفنية نتيجة تراكم الخبرة والنزاهة الأخلاقية والموضوعية في تقييم الأفلام وهي خصال أعتز بها وأتمنى أن أبقى وفيا لها…لا شك أن المسؤولين عن هذا المهرجان يريدون إخراس صوتي كما فعلوا دائما مع الأصوات المناوئة والنقدية التي ترفض المحاباة والخطاب  التخديري والمجاملة والتملق للحصول على بعض الفتات والمصالح ورضى القائمين على الشأن السينمائي.

إن هذا السلوك العدائي ضد النقاد الحقيقيين والسينمائيين والممثلين والتقنيين  الذين يخرجون عن القطيع ليس غريبا عن مؤسسة كان دائما هدفها هو  مراقبة القطاع السينمائي وفرض أشكال متعددة من الرقابة على الأعمال والمبدعين… إن الإقصاء والتهميش هما احد مظاهر هذه السياسة والأمثلة في ذلك عديدة ومنذ وقت طويل. وليس العسلي وسعد الشرايبي وإدريس كريم وحميد بنسعيد وغيرهم من المغضوب عليهم (وفي فترة ما عبد الرحمن التازي ونبيل لحلوا وآخرون) إلا أمثلة عن هذه السياسة التي تتوخى تعميم الفراغ للإستفراد بسلطة القرار وتطبيق سياسة مشكوك في أهدافها ولا يعرف شركاؤها الحقيقيون.

ويخطأ المسؤولون عن القطاع السينمائي ببلادنا إذا كانوا يتصورون أن بوسعهم إسكات الأصوات النقدية في زمن الأنترنيت والثورة الرقمية ….لن يسمع المشاركون في الدورة الحالية بالتأكيد صوتي في المداخلات الصباحية بفندق شالة لكن خطابي سيصلهم حتما بوسائل أخرى.

Posted جانفي 31, 2013 by dahane in Uncategorized

الذاكرة الخصبة: ثلاثون سنة في عمر مهرجان…الإنطلاقة.   Leave a comment

وأنا أراجع بعض المقالات التي كتبتها حول تاريخ المهرجان الوطني للسينما لفت انتباهي أنني لم أقل شيئا حول الدورة الأولى للمهرجان التي انعقدت بمدينة الرباط من 9 إلى 16 أكتوبر 1982 والتي كنت من بين أعضاء لجنة تحكيمها….هذه الدورة المؤسسة كانت من أجود الدورات وتم فيها عرض أفلام قوية مثل السراب لأحمد البوعناني وابن السبيل لمحمد عبد الرحمن التازي وحلاق درب الفقراء لمحمد الركاب وعرائس من قصب للجيلالي فرحاتي وفيلم الحال لمحمد المعنوني وساعي البريد لحكيم النوري…وقد جاءت هذه الدورة كنتيجة للطفرة الكمية التي حققها الإنتاج السينمائ المغربي في نهاية السبعينات بعد إنشاء صندوق الدعم السينمائ في عهد المدير السابق قويدر بناني. ولا شك أن مرحلة السبعينات التي سبقت هذه الدورة والتي تميزت بحيوية خاصة فيما يخص نشر الثقافة السينمائية في إطار الأندية السينمائية وخلق جمهور مثقف واع بضرورة بزوغ سينما وطنية تعكس صورة المجتمع المغربي وتعنى بقضاياه، كان لها تأثير بالغ في الأهمية التي بدأت توليها السلطات العمومية للشأن الثقافي السينمائ…..ولأول مرة سيجتمع السينمائيون والمفكرون والنقاد في إطار رسمي ترعاه الدولة ويسهر عليه المركز السينمائ الذي كان دوره يقتصر قبل هذه الفترة على إعطاء الرخص لتصوير الأفلام والرقابة الأخلاقية والسياسية على محتواها…أما الملتقيات السينمائية فقد كانت تسهر على تنظيمها الجامعة الوطنية لنوادي السينما بإيعاز من المكتب الفيدرالي وبمساهمة الندية السينمائية المخلية في المدن التي كانت تنظم بها هذه التظاهرات (المحمدية، مكناس، خريبكة، طنجة…).
كانت تلك أول مساهمة لي في لجنة تحكيم سينمائية ، وتتصوروا ثقل المسؤولية ولا سيما أن معرفتي بقضايا الفن السابع كانت تنحصر في الجانب الفني والتاريخي في غياب أي تكوبن تقني اللهم معرفتي بأبجدية اللغة السينمائية أو ما يصطلح على تسميته بالنحو السينمائ وما يعرف بسلم اللقطات وزوايا التصوير…لكنني بالمقابل كنت أتوفر على معرفة حقيقية بالمدارس والاتجاهات الفنية وتاريخ السينما على العموم حيث راكمت معلومات واسعة من خلال قراءة الكتب والمجلات المتخصصة ومشاهدة عدد هائل من التحف السينمائية منذ سن المراهقة. وخلال المناقشات التي كنا نجريها في إطار لجنة التحكيم أدركت أهمية هذا التكوين و أعتقد أنني لعبت دورا لا بأس به في اختيار الأفلام التي حصلت على أهم الجوائز…أتذكر أنني دافعت بقوة عن شريط “السراب” لأحمد البوعناني وشريط ‘ابن السبيل ” لمحمد عبد الرحمن التازي وشريط “عرائس من قصب” للجيلالي فرحاتي الذين نالوا أهم الجوائز مما دفع عضوا في لجنة التحكيم لا داعي لذكر اسمه لاتهامي بالإنحياز لجماعة بعينها…إن دفاعي عن هذه الأفلام كان امتدادا لقناعة كونتها كناقد ومنشط في الأندية السينمائية حول الدور الاجتماعي للسينما وأهميتها كأداة للرفع من مستوى الوعي وهي قناعة ما زلت أحتفظ بها إلى اليوم. وقد كانت لجنة التحكيم تضم وجوها معروفة مثل الكاتب أحمد الصفريوي رحمه الله (من أول الكتاب المغاربة باللغة الفرنسية) والمخرج عفيفي (ليس الممثل) والفنانة التشكيلية لطيفة التيجاني ومدير قاعة سينمائية الزهوة (التي كانت حديثة العهد قبل أن تغلق كمثيلاتها) السيد محمد فرج…وقد تم تألق الممثل محمد حبشي عن أدائه الدور الرئيسي في فيلم السراب كما نالت المرحومة نعيمة السعودي زوجة الراحل أحمد البوعناني جائزة أحسن ديكور…والآن وبعد كل هذا الزمن أدرك أن اختيارات لجنة التحكيم كانت صائبة باستثناء هفوة واحدة: عدم حصول شريط حلاق درب الفقراء للراحل محمد الركاب على أي جائزة باستثناء تنويه خاص للجنة التحكيم…وتبين فيما بعد أن هذا الشريط كان من أهم الأفلام التي أسست لما يعرف بتيار الواقعية الجديدة في السينما المغربية ولو لم يخطف منا الموت، العزيز الركاب لكان اليوم من أكبر السينمائيين في المغرب والعالم العربي. لا أتذكر بالضبط سبب إقصاء هذا الشريط، وهذه المسألة تؤكد مرة أخرى أن ما يسمى ب “le palmarès” ليس في واقع الأمر سوى اختيار ذاتي لمجموعة من المشاهدين (ستة أو سبعة أشخاص في الغالب) وأنه مثل نقطة الامتحان يمكن أن ينبني على خطإ في التقييم.
أتذكر حفل الاختتام البهيج في نادي الضباط بالرباط وتألق الممثلة نعيمة لمشرقي في أوج جمالها وشبابها، ومصطفى الدرقاوي الذي شارك في هذه الدورة بفيلم ليالي شهرزاد الجميلة، وأحمد المعنوني الذي نال شريطه “الحال” جائزة الجمهور…أتذكر حفل غذاء بحضور المخرج الفرنسي “كلود لولوش”، والمناقشات الصباحية التي كانت تتم بقاعة الفن السابع بالرباط بحضور المخرجين وهو تقليد حافظ عليه المهرجان إلىاليوم….أتذكر…أتذكر وأشكر السينما التي جعلتني أتوفر على ذاكرة وأقول أن الماضي الشخصي لا وجود له دون الآخرين.

Posted جانفي 29, 2013 by dahane in Uncategorized

نقطة الإمتحان   Leave a comment

…وأخيرا أنهيت تصحيح أوراق المراقبة النهائية وتم الإعلان عن النتائج لبعض الفصول وبعض الوحدات…إنه عمل شاق ولا سيما حين يتعلق الأمر بمئات الطلبة نظرا للاكتظاظ ونقص الأطر. هذا طقس اعتدته منذ ما يقارب أربعة عقود إذا أضفت سنوات الثانوي…كل ورقة يوجد وراءها طالب أو طالبة ، وكل نقطة تتحول إلى مشاعر سعادة أو إحباط…هناك تأثير سيكولوجي بالغ لنقطة الإمتحان حيث يتم استبطان هذا التقييم من طرف الطالب أو الطالبة ويتحول أحيانا إلى هاجس أو كابوس…وبالمقابل هناك من يصاب بجنون العظمة ويعتقد أنه “قطع الواد”، وفي كلتا الحالتين لا يجب المبالغة لأن النقطة لا تعكس في آخر المطاف سوى موقف شخص (أستاذ أو أستاذة)، ولا يجب أن يكون لذلك تأثير سلبي ونهائي…قرأت اليوم أن نائبا برلمانيا فرنسيا اقترح أن يساهم الطلبة بدورهم في التنقيط الإداري لأساتذتهم لأنهم أدرى بجدية أو تقاعس هؤلاء. ومن المعلوم أن هذا التنقيط الإداري يعتمد حاليا على مقاييس تهم البحث والإنتاج العلمي فقط  في غياب التقييم البداغوجي وما يرتبط بالتدريس والمحاضرات …شخصيا لا أرى مانعا في ذلك إذا كان هذا التنقيط يعتمد على معطيات موضوعية تهم الممارسة المهنية والقدرة على التبليغ والمشاركة في الحياة العلمية والثقافية داخل الجامعة وخارجها. وسيكون من شأنه أن يدفع ببعض الزملاء إلى القيام بمسؤولياتهم على أحسن وجه ويساهم في الرفع من الوضع الاعتباري للطالب. ولا شك أن بعض الأساتذة سيشعرون بنفس مشاعر الفرحة أو الإحباط التي تختلج في صدور الطلبة اليوم بعد الإعلان عن النتائج.

        يبدو أن الامتحانات متبوعة بعطلة. ولا أخفي عليكم أنني حائر في الطريقة التي سأقضي بها عطلة “فبراير”. لم أتعود بعد على هذا الزمن الغريب لأنني من الجيل الذي كان يعرف ثلاث عطل مدرسية: عطلة رأس السنة، عطلة الربيع وعطلة الصيف. ما الذي يمكن فعله إذن في نهاية يناير وبداية فبراير وهو زمن جدي ليس فيه مكان للكسل والراحة. ربما سآخذ قسطا أكبر من النوم لأن الإمتحانات أرهقتني. عطلة سعيدة.

Posted جانفي 21, 2013 by dahane in Uncategorized